الثلاثاء، 16 يونيو 2009
الفعل المفاجئ
2008/12/19
الفعل المفاجئ -المأمون الهلالي
اعتاد كثير من الناس علي أن يجعلوا الحذاء لفظا يشتمون به من أساء إليهم ولكن هذه المرة اختلف الأمر لان منتظر الزيدي اتخذ من زوجي حذائه سلاحا فتاكا رشق بهما الرئيس جورج بوش مؤسس الديمقراطية والحرية في العراق الجديد فعلي كل من يجعل الحذاء شتيمة أن يبحث عن لفظ آخر وإن عف لسانه عن السباب فهو أفضل. إن هذا الحدث العظيم الذي صنعه منتظر كان مذهلا في الفكرة وفي الأداء أما إذهاله في الفكرة فلأن جورج بوش أراد من زيارته المفاجئة الختامية للعراق أن يقول للعراقيين وللعالم لقد أنجزتُ المهمة العظمي ونقلتُ الرقي السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلي العراق الجديد وهكذا أكون قد أديت الأمانة وناضلت حق النضال في سبيل العراق المزدهر فإذا ببوش يرشق بزوجي حذاء طائرين أحدهما عن اليمين والآخر عن الشمال ليصبحا وسامين مزدوجين يعود بهما الي أمريكا التي احتملت من سياساته عبئا ثقيلا أطاح بها في شؤونها الإقتصادية .. وأما إذهال الحدث في الأداء فلأنه ليس جنائيا يُدان به منتظر الزيدي ما هو إلا رشقة بالحذاء وهذا تعبير سلمي عن الرفض والإمتعاض مما أنجزه الاحتلال الأمريكي الذي بشر بالديمقراطية وحرية التعبير فماذا سيكون جزاء منتظر علي إنكاره السلمي وتعبيره عن رأيه بطريقته البديعة ؟؟!! ومن العجيب أن يدخل هذا الحذاء إلي التاريخ من أوسع أبوابه فلن تذكر هذه الواقعة إلا وذكر معها حذاء منتظر الأعجوبة الذي فعل ما لم يفعله الصاروخ الذي سقط في المنطقة الخضراء إبان زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لأن الأثر النفسي الذي سيتركه حذاء منتظر أشد وطأة علي بوش من الصاروخ الذي كاد يصيب بان كي مون !!ومن العجيب أيضا أن يصبح حذاء منتظر هو هدية الشعب العراقي التي تقدم إلي جورج بوش ولا يستطيع أن يردها !!! ينتاب العراقيون إحساسان متماثلان في المقدار والتأجج مختلفان في الاتجاه أما الإحساس الأول فهو مزيج من السرور والسعادة اجتاحا قلاع الحزن المشيدة في نفوسهم المحطمة , واكتظت بهما جنبات أرواحهم الكئيبة وأما الإحساس الآخر فهو الخوف علي منتظر من المصير المجهول ...ومن هذا الحدث استنبط دلالة عظيمة وهي أن الذين يُسجلون في التاريخ العراقي المجيد بعد الاحتلال هم الشباب وحدهم إذ لا تغيب عن أذهاننا صورة الشاب عثمان العبيدي الذي كان جدارا فولاذيا لدرء الفتنة حين أقدم علي إنقاذ غرقي جسر الأئمة ولا ننسي النصر الذي حققه المنتخب العراقي لكرة القدم وهم شباب أبطال والآن نري منتظر الزيدي وهو شاب أيضا يقدم علي مواجهة قرعت بصداها أرجاء العالم كما أنها أشد خطورة علي حياته من إنقاذ الغرقي أو صد كرة في ملعب فما الذي منع حراس بوش من إطلاق رصاصة عاجلة علي منتظر لولا أن تداركته عناية الله؟! هنا ألقي أسئلة ستكشف الأيام عن إجابتها: 1 /هل سيصبح حذاء منتظر شيئا يذكرة الناس علي الدوام2/هل سيتذكر بوش هذه الواقعة كلما ارتدي حذاءه أو رأي حذاء غيره ؟3/هل سيمنع الصحفيون من ارتداء أحذيتهم إذا التقوا بالمسؤولين ؟ 4 /هل ستنشأ لدي بوش عقدة نفسية من الأحذية وتكون هذه حالة مرضية تسجل لأول مرة ويطلق عليها (فوبيا حذاء منتظر) ؟!!!5/هل كان منتظر علي علم بأن ما صنعه كان مطهرا فعالا لنفوس العراقيين المَطلِيّة بالإحباط واليأس, إن ما صنعه منتظرهوأقوي فيتامين يبني الذات العراقية المنخورة بالجلد والمملوءة بالعدمية التي جعلت الفرد العراقي لا يتوقع في المستقبل إلا ما هو أسوأ مما يعيش ولا يري في الأيام القادمة إلا نسخا مماثلة للتي سبقتها إن لم تكن أشد إتعاسا !
المأمون الهلالي - صحيفة الزمان 2008/12/19
رابط المقالة من الصحيفة
http://www.azzaman.com/indexq.asp?fname=2008%5C12%5C12-19%5C656.htm&storytitle=
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)