الجمعة، 14 فبراير 2014

سحابة في الحب (3)


مَطلعُ الحُبِّ شَوقٌ مُترَدِّدٌ ؛ لا دافِعَ لِخَطَراتِهِ وإنْ ضَعُفتْ ، فإذا استحكمَتْ بادَرَ المُشتاقُ إلى المُلتقَى واقتحَمَ كلَّ عَقَبَةٍ حتَّى يُوافِيَ رَغِيبَتَهُ ، قالَ مِهيارٌ الديلمِيُّ:
دعانِي الشَّوقُ يَزأرُ بي إليكمْ
فسِرْتُ مُلِبيًّا والدَّهرُ يَخسَا
يَخسَا : يَخسَأ
.............
والشوقُ طَمَاعةٌ في سَلوَةٍ أو شَهوةٍ ، فإنِ التقتِ الروحانِ أوَّلاً فلِقاءُ الجسمَينِ آخِرًا سَلوةٌ ؛ يَتآنسُ المُتحابَّانِ في ظِلِّها ، وليس للشهوةِ طيشٌ ساعَتئذٍ، وإن لم تلتقِ الروحانِ قبلُ فاللِّقاءُ بعدُ شَهوةٌ غالِبةٌ ؛ لا شَوقٌ في إثرِها ولا بَهجةٌ ، قال الحكمُ بنُ أبي الصلتِ:
غيرَ أنَّ اللقاءَ في الحُلمِ أشفَى
لِجَوَى الشوقِ عندَ أهلِ الحُلومِ
فتلاقِي الأرواحِ ألطَفُ مَعنًى
في المُصافاةِ مِن تلاقِي الجُسُومِ
جَوَى الشوقِ : شِدَّتُهُ وحُزنُه.
أهلِ الحُلومِ: أهلِ العقلِ والأناةِ وضبطِ النفس.
.............
وفضِيلةُ الشوقِ أنه يُحيي في الفؤادِ أنبَلَ ما في الحُبِّ مِن مَواجِيدَ ؛ كألَمِ الفِراقِ وأمَلِ الوِصالِ وعُلُوِّ الهِمَّةِ ، وكلما فاضَتِ المواجيدُ انسكبتْ في عَمَلٍ أو قولٍ ، يَبرَأُ المُحِبُّ بإذاعَتِهِ ويَهْنِأ الحَبيبُ بلَذاذتِهِ ولو لم يكن مُزَيَّنًا ، قال عنترةُ بنُ شدَّادٍ بعدَ وُقوفِهِ
على طَلَلٍ:
وقفتُ بهِ والشَّوقُ يَكتبُ أسطرًا
بأَقلامِ دَمعِي في رُسُومِ جَناني
رُسُومِ جَناني : آثارِ قلبي : ما بَقِيَ منه سَلِيمًا.
..............
"غادةُ بنتُ شبيرٍ" نَدِيَّةُ التطرِيبِ ، غنَّتْ "اغتراب" على مقامِ الحجازِ وكشَفَتِ الغِطاءَ عن شَغَفِ المُشتاقِ النائي عن حبيبَه.
ــــــــــ
حُرِّرَتِ السحابةُ لِأربعَ عشرةَ ليلةً خلتْ مِن شُباطَ عامَ أربعةَ عشرَ وألفَينِ.

هناك تعليق واحد:

  1. ذهَبَ كِرامٌ مِن القارئينَ مَذهبًا نائيًا في فهم "سحابة في الحب3" ؛ ذلكَ بأنهم حَكمُوا على كاتبها كحُكمِهم على بعضِ المَكتوبِ فيها ، ولا يستوي الاثنانِ حُكمًا.

    ردحذف